تقرير – محمد عمر
عندما كان طبيب الجراحة والمناظير اليمني “يسلم الطهيش” (65 عاماً) يقوم برعاية المرضى في عدد من مستشفيات العاصمة اليمنية صنعاء بينهم مصابون بكوفيد19، خلال عام 2021م، لم يكن يعلم أنه سيكون أحد ضحايا هذا الوباء لاحقاً.
فبعد ذلك، وفي منتصف سبتمبر من العام نفسه، أصيب “الطهيش”، ثم أسعف إلى مستشفى العلوم والتكنولوجيا بالعاصمة صنعاء، لكن سرعان ما تدهورت حالته الصحية، بعد سيطرة الفايروس على ثمانين بالمائة من رئته، ما أدى الى وفاته لاحقا، بحسب تصريح ابنته رنا.
ويأتي “الطهيش” على رأس قائمة تضم أكثر من 180 كادراً صحياً في اليمن، توفوا جراء إصابتهم بفايروس كوفيد-19، من بينهم الطبيب والمخترع اليمني الشهير “خالد نشوان”، الذي تمكَّن من اختراع جهاز لتوسيع الشرايين المتصلبة دون إجراء عملية أو تدخل جراحي، بحسب حديث الدكتور “محمد النزيلي”، رئيس مجلس الحكماء لنقابة ملاك صيدليات المجتمع.
أسباب الإصابات
ويصف الدكتور “النزيلي” الوضع الصحي خلال جائحة كوفيد-19 في اليمن قائلاً: “كانت الجائحة مفاجئة، ونحن في ظروف حرب تسببت بانهيار كبير للنظام الصحي، ووضع العمل في المرافق الصحية كان عشوائياً، في ظل انقطاع الموازنات والرواتب، مما سبب حالة إرباك للإدارة الصحية بكل مستوياتها”.
يوضح أن إصابات الكوادر الصحية جاءت نتيجة الاحتكاك بالمرضى، في ظل الجائحة، في بلد يفتقر للإمكانيات، ويعاني من إهمال الادارات الصحية في توفير معدات ومستلزمات الوقاية للكادر، مما سبب ارتفاع منسوب تعرض الكادر لجرعات الفايروس.
ويرى رئيس لجنة الرقابة والتفتيش بجمعية الجراحيين اليمنية، وأخصائي الجراحة العامة والمناظير، نائب مدير مستشفى الشرطة العام، الدكتور “فهمي إسماعيل” في حديثه، أن الأطباء كانوا يقومون بمعالجة مرضى دون معرفة الطبيب أحياناً أنهم مصابون بالفايروس وذلك لعدم وجود الأعراض، بالإضافة إلى عدم اتباع التدابير اللازمة للوقاية من الإصابة.
غياب استراتيجية مكافحة الوباء
لم تكن وزارة الصحة اليمنية تملك استراتيجية لمواجهة الوباء، وأن ذلك عائد إلى فقدان الوزارة للرسالة والرؤية الواضحة بحسب الدكتور “النزيلي”.
وأضاف أنه نتيجة لذلك، لم تقم المستشفيات بتوفير أدوات السلامة لكوادرها الطبية، ولم توفر لهم التأمين اللازم الذي يحتاجونه لحماية أنفسهم وعائلاتهم من الوباء.
وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “ينس لايركه”، أن 49 في المائة من إجمالي المرافق الصحية في اليمن خارج الخدمة، أو أنها تعمل بشكل جزئي، بسبب الأضرار أو النقص في الكادر أو الأدوية والمواد الطبية ، كما لا تمتلك أغلبها أنظمة تَخلّص من النفايات الصحية.
وأضاف أن أكثر محافظة أصيب فيها أكبر عدد من العاملين الصحيين خلال الجائحة هي صنعاء، بنسبة 39٪ من إجمالي الأطباء الذين توفوا في اليمن.
وحسب الاستراتيجية الوطنية للكادر الطبي في اليمن فإن النظام الصحي يواجه تحديات تعيق عملية التطوير الصحي والنهوض بحالة السكان الصحية التي تؤكد عليها معظم المؤشرات الصحية المتدنية جداً.
ويمثل الوضع الوبائي عبئاً مرضياً مزدوجاً من الأمراض المعدية والمزمنة، بالإضافة إلى ضعف التخطيط المؤسسي للخدمات الصحية وضعف التنسيق القطاعي داخل وخارج النظام الصحي، وغياب التحديد الواضح للأدوار والمسئوليات والواجبات بين المستويات المختلفة للنظام الصحي في ظل غیاب نظام فاعل للإشراف ولقياس الأداء والمراقبة والتقييم، وفقاً للاستراتيجية.
وفي يناير الجاري، ذكرت الإدارة العامة للترصد الوبائي في وزارة الصحة العامة والسكان في عدن العاصمة المؤقتة للبلاد، بأن تراكمي حالات الاصابة بفيروس كوفيد 19 المبلغ عنها في اليمن قد بلغت حوالي ستة وثلاثين الف حالة, بينما بلغ تراكمي الحالات المؤكدة مخبريا حوالي اثني عشر حالة, فيما بلغ عدد الوفيات التراكمي للحالات المؤكدة أكثر من الفي حالة وفاة, في المحافظات التي تقع كلها أو أجزاء منها تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
انتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز Internews ضمن مشروع Rooted In Trust في اليمن.